عاصفة على الشاطئ
(ترجمها المؤلّف لتلاميذه في الصفّ السابع)
هبّت ريحُ الشمال تعصف عصفًا قويًا، ناقلة في طيّات الجوّ غيوم الشتاء العظيمة الثقيلة الدكناء، التي كانت تُلقي على الأرض في طريقها سيولًا غاضبة.
وكان البحر الهائج يزأر زئيرًا مزعزعًا الشاطئ، ويبعث حثيثًا إلى الضفّة بأمواجٍ ضخمة بطيئة مزبدة، تتكسّر شيئًا فشيئًا، محدثة أصواتًا كأنّها طلقات المدافع؛ فكانت تتدحرج متّئدة، الواحدة تلو الأخرى، عاليةً كالجبال، مُبعثرة في الهواء، بتأثير العاصفة الهوجاء، رؤوسها المزبدة كعَرَق الجبابرة.
وما أبطأت تلك العاصفة أن هاجمت واديًا صغيرًا مجاورًا، فصفّرت وناحت مقتلعة قرميد السقوف، مكسّرة الواجهات، مدمّرة المداخن، رامية الشوارع بعصفات الريح، حتّى تعذّر السير على المارّة، إلّا من استعان بحيطان البيوت، وكان بوسعها أن تُطيّر الأولاد كالأوراق وترفعهم فوق البيوت وتنثرهم في الحقول.
وأبعدت قوارب الصيد إلى الداخل خوفًا من المدّ الذي هدّد بكنس الشاطئ، وتوارى بعض البحّارين في أجواف زوارقهم النائمة على جوانبها، متأمّلين ومترقّبين غضب السماء والماء، ولكنّهم انصرفوا أخيرًا رويدًا رويدًا إلى بيوتهم، لأنّ الليل البَهيم غمر العاصفة، وأسدل ستار الظلام على المحيط المزمجر وضجيج العناصر الثائرة.
ترجمة يوسف س. نويهض
غي دموباسان (قصص النهار والليل)